عمر بن الخطاب رضي الله عنه

كعمر

قال حافظ إبراهيم في قصيدته العمرية :

هذه مناقبه في عهد دولته     للشاهدين وللأعقاب أحكيها

وفي كل واحدة منهن نايلة     من الطبائع تغدو ونفس واعيها

لعل في أمة الإسلام نابتة     تجلو لحاضرها مرآة ماضيها

حتى ترى بعض ما شادت أوائلها      من الصروح وما عاناه بانيها

وحسبها ـن ترى ما كان من عمر     حتى ينبه منها عين غافيها

إلى خريجي كليات وكليات وجامعات و جامعات إلى الساسة والمشتغلين بالسياسة  سجلوا في الجامعة العمرية لنيل رسائل الماجستير والدكتوراه  من جامعة ثاني الخلفاء الراشدين من جامعة _ عمر بن الخطاب _ الفاروق رضي الله عنه وأرضاه .عمر وما أدراك ما عمر ؟ عمر الذي كان شديد البياض فأصبح أسمر اللون بعد عام الرمادة لمجاعة أصابت بلاد المسلمين , والذي في خديه خطان أسودان من شدة بكائه من خشية الله , فأين أنتم من عمر؟ ؟ ترى ماذا عساه أن يفعل وهو يرى ما يرى إن يعثه الله كما بعث عزير وكما بعث أصحاب الكهف ؟ ماذا عساه أن يقول وهو يرى القدس التي تسلم مفاتيحها من البطريرك صفرونيوس بعد حصار لها في سنة 16هـ ذلك البطريرك الذي أصر على مجيء عمر لتسلم مفاتيح مدينة القدس . فأي ذل ومهانة قبع تحتها العرب مستسلمين خاضعين ؟ عمر الذي عندما عرف راحة النفس والضمير نام قرير العين مرتاح البال . عمر الذي راع صاحب كسرى نومه عندما راه نائما تحت ظل شجرة وهو ما عبر عنه شاعر النيل _ حافظ إبراهيم _  بقوله :

وراع صاحب كسرى أن رأى عمراً          بين الرعية عطلاً وهو راعيها

وعهده بملوك الفرس أن لها                 سوراً من الجند والأفراس تحميها

ورآه مستغرقاً في نومه فرأى                  فيه الجلالة في أسمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملاً                ببردة كاد طول العهد يبليها

فهان في عينه ما كان يكبره                       من الأكاسر والدنيا بأيديها

وقال قولة حق أصبحت مثلاً                     وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم                    فنمت قرير العين هانيها 

والبيت الأخير هو نفس قول أنو شروان : حكمت فعدلت فأمنت يا عمر. فما أعظمك يا عمر . عمر الذي تولى الخلافة بعد وفاة أبي بكر في 22/ جماد الآخرة 13هـ . ولعدله وانصافه لقب بالفاروق , عمر الذي أسس التقويم الهجري للمسلمين . وأسس دواوين كثيرة للمسلمين  _ وهي ما تعرف الآن بالوزارات _عمر الذي نزل القرآن مؤيداً لرأيه في أكثر من قضية , عمر الذي لو سلك طريقاً سلك الشيطان طريقاً غيره , عمر الذي بلغت الدولة الإسلامية مبلغاً عظيماً توسعاً وهيمنة ً ورفعة , عمر الذي قتله أبو لؤلؤة المجوسي _ اسمه فيروز _ النهاوندي  وكان قتله لعمر بغضاً للإسلام وأهله وانتقاماً للكفار, عمر الذي لم يقرأ تاريخه منصف ولم يدرس في مدرسته العمرية  حاكم عربي أو حاكم مسلم . عمر الذي وصل لمرتبة الإحسان _ ولا نزكي على الله أحد _ فهو أحد العشرة المبشرين بالجنة , وهو الذي قال : لو أن شاة على شط الفرات ضائعة لظننت أن الله سائلي عنها . ومقولته الأخرى لو أن حيوان سقط لسأله الله لم َ لم يسو له الطريق . هذا عمر خليفة رسول الله  وأبو زوجته حفصة. الذي كان ينام  ولا يرافقه حرس ,لأنه عدل بين رعيته . والذي كان يحمل هم الأمة من أقصاها لأقصاها , فكيف ينام حكام العرب وشعوبهم تقتل وتذبح كما تذبح الشياه وكما تنحر الإبل . هل لديهم وصفة سحرية في تخطى هموم الأمة وفي تجاهل حقوق الرعية ؟ لذلك نراهم يغطون في سبات عميق ليل نهار ناسين ومتناسين رهبة عمر من الوقوف بين يدي الله  , وعظم سؤال الله لهم عن رعيتهم التي ضيعت  ومقدساتهم التي انتهكت , وحرماتهم التي ابيحت بأيديهم وأيدي أعدائهم . أ عجزت النساء أن تنجب مثلك يا عمر؟ ومن أين لنا خليفة كعمر؟

بقلم / منى اليريمي